الاثنين، 4 أبريل 2011

المدينة الفاضلة

 
"أهلا أهلا بالأحرار..اللي انضموا للثوار..مرحب مرحب بالأبطال" تشريفة تسمعها للترحيب بك عند دخولك لتلك المدينة، مدينة خافتة الأضواء، مكتظة بالسكان، بيوتها خيام بلاستيكية، سكانها ثوار، زوارها أحرار، أنى مشيت فيها وجدت فيها لافتة تحمل أقوى وأطرف العبارات الثورية.
 ومابين كل لافتة وأخرى ترى لونا من ألوان الفنون، فعن يمينك تجد شابا يحمل جيتاره وقد ارتجل كلمات وألحان لأغنية ثورية يغنيها ويعزف ألحانها وسط اّلاف من المشاهدين، وعن يسارك تجد مسرحية هزلية لثائر هندي يدعى نانا!!

 وإذا سرت بجوار أطلال مطعم كنتاكي تجد أن واجهته الزجاجية قد تحولت لمعرض لأروع اللوحات الثورية، وقد افترش فنانو المعرض الأرض أمامه بأدواتهم الفنية البسيطة يستقبلون أفكارا تأتيهم من الثوار ليخرجوها إلى النور بريشاتهم.

أكمل جولتك في المدينة لتشاهد مستشفيات ذوات أوتاد ودُسُر وقد جمعت خيرة الأطباء المتطوعين، تراهم في معاطفهم البيضاء لا تفارقهم البسمة، يعالجون مايصلهم من حالات إبتداء من الصداع وحتى حروق قنابل المولوتوف.

شخص واحد في هذه المدينة يحق له اقتناء السلاح الأبيض، إنه حلاق الثورة، ترى بحوزته مقص وشفرات يستخدمها في الحلاقة المجانية للثوار.

وإذا تعبت من الجولة، نل قسطا من الراحة، اجلس على أي رصيف تجده ولا تحمل هم الطعام فليس أكرم من أهل هذه المدينة، فبين لحظة وأخرى ستجد من يقدم لك أنواعا من الشطائر والمعجنات، أو ربما رغيف خبز مع قطع من مثلثات الجبن المطبوخ، ولا تتعجب، إن وجدت هذه الأطعمة تحمل اسم "كنتاكي"!!

بعد الطعام لا مانع من المشاركة في طقوس زارٍ مقام لصرف العفريت المدعو "مبارك".

وإذا ارتفع الاّذان ستجد الاّلاف من سكان المدينة ركعا سجدا بين يدي ربهم، تحفهم حلقات بشرية من شباب تشابكت أيديهم معا، وإذا دققت النظر في تلك الأيادي، فإنك ستجد وشم الصليب عليها.

وإذا كان القداس، فإنك تجد أولئك الركع السجد يتبادلون الأدوار مع إخوانهم من أهل الكتاب.
أما إذا دعيت إلى عقد قران في تلك المدينة، فاعلم أنك واحد من ثلاثة ملايين مدعو، وإذا أردت أن تأخذ صورة مع العروسين فلتكن الخلفية دبابة من طرازM60 !

وإذا عزمت مغادرة المدينة فستسلك طريقا تجد على جانبيه صفوفا من المودعين لك، داعين لك بالسلامة، شاكرين زيارتك، متمنين زيارة أخرى قريبة.
هكذا كانت الحياة في ميدان التحرير، فلا عجب أن ينبثق منه فجر الحرية لشعب أراد الحياة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق