الاثنين، 4 أبريل 2011

وداعا ميدان التحرير

أشرقت شمس الثاني عشر من فبراير لتضيء أرضا لم ينم أهلها فرحا وطربا، إنه الصباح الأول في عهد الحرية، صباح لم يكن كأي صباح، صباح خرج فيه شباب مصر وشيوخها، رجالا ونساء، قادمين من كل مكان من مصر حاملين معهم أدوات النظافة، ومتوجهين إلى مكان واحد، إنه مشرق الحرية، ميدان التحرير.
وكأحد شباب مصر خرجت بعدة النظافة وتوجهت إلى هناك، لأجد الميدان قد تحول إلى خلية نحل يعمل أفرادها بنشاط وهمة، بتعاون ونظام.
الثوار أنفسهم الذين كانوا بالأمس يدا بيد لإسقاط النظام، هم اليوم أيضاً يدا بيد لإعمار البلاد، فهاهم يكنسون الشوارع، ويجمعون الحجارة المكسورة الملقاة على الأرض، ويزيلون اّثار الملصقات من على الحوائط ، ويدهنون الأرصفة والجدران، بل ويرسمون عليها أجمل اللوحات الفنية.
كنت سعيدة جدا وأنا أشارك في تنظيف الميدان بقدر ما كنت حزينة على فراقه، فلم أعد أتخيل أني لن أرى هذا الميدان يومياً، وإن رأيته، فلن يعود ذلك الميدان الذي أحببت الحياة فيه.
سيقتلعون الخيام، ويزيلون المنصات، وينزلون اللافتات... لن أسمع تشريفة عند وصولي إلى الميدان، ولن يودعني أحد عند مغادرته، ستعود السيارات للمرور، وستفتح المحلات، وسيعود مجمع التحرير للعمل........ 
ستعود الحياة وستحلوا الأيام، وأخيرا يامصر ستحلو فيك الأيام لمن صبر، وستنقلب فيك الأيام على من ظلم، حقا .... إنها الأيام يداولها ربي بين الناس.
ميدان التحرير ... لكم أذوب فيك عشقاً، ولكم سأشتاق إليك،  وسيبقى كل شبر فيك يذكرني بأجمل أيام حياتي التي أمضيتها فيك، فعلى هذا الرصيف جلست أتلو لقراّن، وعلى ذلك الأسفلت مرغت جبيني ساجدة لله، وخلف ذلك العمود وقفت أواري دموعي على إخوتي الشهداء، وإلى ذلك الجدار ألجأت ظهري أستريح من مسيرات طوال، وعلى تلك الدرجات وقفت أنشد أجمل ما يقال في حب مصر.
على هذه الأرض سالت دماء الشهداء، ومن تلك السماء تنزلت الملائكة تزف أرواحهم إلى الجنان.
وداعا أيها الميدان العظيم، ولتشهد لي أرضك يوم القيامة، يوم يختم على الأفواه، لتشهد أن رابطت عليها، وتمنيت لو مت فيها.
وداعا ميدان التحرير...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق